Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the famous-gallery domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/ultimate/isalkini.com/wp-includes/functions.php on line 6121
مستقبل تركيا (٦): الاقتصاد… Test

مستقبل تركيا (٦): الاقتصاد…

الاقتصاد القوي لأي دولة يقوم على المحاور الأساسية التالي:

  1. الإنتاج: الكلام عن الإنتاج يقتضي دراسة محاور عدة:
    • الإنتاج الصناعي التركي، وقد سبق الكلام عنه، وهو إن استمر تبعاً للخطة المرسومة له فالأمور تتجه نحو الأفضل.
    • الإنتاج الزراعي بعد مشاريع السدود ودعم الدولة للمشاريع الزراعية الصغيرة والمتوسطة أصبح في أحسن أحواله منذ قرن من الزمان، فتركيا لا تستورد شيئاً من المنتجات الزراعية عدا الأرز والموز وجزء من احتياجات القمح.
    • جودة الإنتاج: تركيا تعمل على معايير الجودة الأوروبية، لذا فمنتجاتها كلها ذات جودة عالية، ونادراً ما تجد منتجات ذات جودة منخفضة.
    • قيمة الإنتاج: وهي من أهم الأمور الحساسة المتعلقة بالإنتاج، فالسلع الغالية يصعب بيعها، وأرباحها قليلة، لكن ربما تم التغلب على هذا بعد نزول قيمة الليرة التركية، فقد أصبحت أجور الأيدي العاملة التركية رخيصة جداً، لكن هذا يؤثر على مستوى معيشة الشعب التركي. فالموازنة بين المستوى المعيشي ورخص أجور الأيدي العاملة في غاية الصعوبة والخطورة؛ لأنهما متعارضان، وهذا يقتضي عدداً من السياسات الاقتصادية:
      • تفعيل نظام الزكاة والصدقات لدعم العمال الفقراء، فهذا يرفع من دخل العمال، ولا يدخل في قيمة المنتج، ولا يرهق الدولة في عمليات الضمان الاجتماعي.
      • زيادة الأتمتة الصناعية التي تقلل عدد الأيدي العاملة.
      • بناء مناطق صناعية مشتركة مع الدول الفقيرة المحيطة بتركيا، وبالأخص في الصناعات الاستهلاكية والتي تحتاج لأيدي عاملة كثيرة.
      • رفع مستوى العمالة المحلية إلى مستوى تصنيع أجزاء من خطوط الإنتاج، لتحويلهم من عمالة إلى شركاء في الإنتاج، وبالتالي تعويضهم عن أضرار نقص العمالة.
  2. السوق: تعتمد تركيا على أنواع من السوق:
    • سوق العلاقات الاقتصادية الطبيعية: كأوروبا مثلاً، وفي هذا النوع من الأسواق تدعم الدولة التجار والصناعيين من الطبقة المتوسطة والعليا للمشاركة في معارض تلك الدول، فتؤمن لهم إيجار أجنحة المعارض وأجرة الإقامة أثناء فترة المعرض، وينتج عن هذا نوعان من الاتفاقيات: اتفاقيات شراكة صناعية كبيرة، والعثور على موزعين للمنتجات التركية وفتح أسواق جديدة.
    • الأسواق الاستهلاكية: كالخليج مثلاً، فهذا النوع من الأسواق منغلق، ويميل للاستهلاك أكثر من التعاون التجاري والصناعي والاقتصادي، فتتجه تركيا لسياسة الإغراق بالمنتجات الاستهلاكية. لكن تركيا أصبحت في الفترة الأخيرة تحاول تحسين علاقتها السياسية مع تلك الدول، وإقناعها بأهمية الشراكة، لعلها ترتقي إلى المرتبة السابقة.
    • أسواق ناشئة ابتداء: كجورجيا (2000م) والبوسنة بعد الحرب (2002م) وسوريا قبل الحرب (2006م) وأذربيجان (2010م). فهذه لا تملك مالاً لتكون استهلاكية، وبقياس الأولى فهي ليست صناعية لتقوم العلاقة معها على مبدأ الشراكات الكبيرة، وفي هذه الحالة تقوم العلاقة الاقتصادية على نوعين:
      • مبدأ شراكات الدعم، أي يقوم صناعيون أتراك كبار بمشاركة صناعيين صغار من تلك الدول، ودعم تصدير بضائعهم إلى أوروبا وأسواق تركيا الأخرى، وهذا فيه فتح أسواق جديدة بطريقة غير مباشرة، عن طريق رفع المستوى المعيشي في تلك الدول إلى درجة تسمح باستيراد المنتجات التركية!!
      • مبدأ الشركات القابضة الكبيرة مع المتنفذين في تلك الدول لتحسين طريقة التفكير التجاري والصناعي، مما يرقى بتلك الدول خطوة خطوة إلى مستوى العلاقة التشاركية الكاملة والصحيحة (كما حصل في الاتفاقية مع البوسنة عام 2019م).
    • أسواق معدومة تماماً: كإفريقيا مثلاً، فهي تحتاج لحملات مساعدة إنسانية مكثفة عن طريق المنظمات الخيرية التركية للحصول على الحد الأدنى من البنية التحتية، كالماء، والعلاج، والتعليم، وما شابه ذلك. والعمل الإغاثي والإنساني المكثف على هذه الدول سيحولها مع الوقت إلى أسواق كالتي في المرتبة السابقة.
  3. سياسة الشعب الاستهلاكية: هذه مشكلة جوهرية تعاني منها كل دول العالم، فاتجاه الشعوب للاستهلاك يجعل عوائد التصدير تضيع في بحر نفقات واردات الرفاهية الاستهلاكية التي ليس لها حدود. ونظراً لارتباط الدولة باتفاقات تجارية دولية واتفاقات بينية تمنع الدولة من حظر استيراد المنتجات، فإن مسؤولية ضبط الاستهلاك تقع بشكل رئيسي على وعي المستهلك وحده!! وهذا يحتاج لحملات توعية مكثفة ومركزة تقوم بها منظمات المجتمع المدني على وسائل الإعلام وتقوم بها المؤسسات الدينية غير المرتبطة بالدولة، دون أن يكون للدولة تدخل يضر بالاتفاقات الدولية والبينية…
    • فلا يشتري المستهلك منتجات يوجد لها نظير ذو صناعة محلية، ولو كان أقل منها في الجودة بدرجة أو درجتين.
    • عدم الاغترار بتوكيلات الصناعة المحلية للماركات التجارية المشهورة، فهي مع أنها تصنيع محلي، إلا أن أصحاب الماركات التجارية يحصلون على حصة الأسد من العوائد.
    • تقليل مستوى الرفاهية داخل المجتمع، فلا حاجة للسجائر، ولا للهواتف الذكية بيد الأطفال.
  4. النقد: هو كالدم الذي يسري في عروق العملية الاقتصادية، وكالزيت في المحرك الاقتصادي، فإذا رفعت نسبة الفائدة زادت السيولة والاستثمارات الأجنبية في البلاد وضعف الاقتصاد (وهو ما يطالب به مدراء البنك المركزي في تركيا دائماً)، وإن خفضت نسبة الفائدة قوي الاقتصاد (وهو ما يطالب به أردوغان)، لكن هذا يؤدي إلى ضعف السيولة فتصبح حركة الاقتصاد صعبة، وإذا تحولت الدولة إلى الذهب فهي ستدفع لمواطنيها ذهباً، بينما تحصل على عوائد التصدير بعملة نقدية تعاني من التضخم، وهذا سيدفع الدولة للعجز، وإذا استمرت في دفع الأجور بالعملة الورقية فسيستمر تضخم العملة الصعبة وتضخم العملة المحلية معاً، وقد ناقشت طريقة الخروج المتدرج من هذا المأزق في كتابي: “الفوائد الربوية من منظور شرعي” بإسهاب، وهي تقتضي باختصار العمل على ثلاثة محاور:
    • التدرج في إقرار عملة مستقرة: رفع مقدار التداول الذهبي بالتزامن مع مقدار الادخار والاستهلاك المحلي داخل الدولة.
    • التدرج في تخفيض سعر الفائدة: بالتزامن مع مقدار التصدير الخارجي للبضائع المصنعة محلياً 100%.
    • التدرج في هيكلة النظام الاقتصادي الداخلي: لتتوافق مع الخطة الاقتصادية الجديدة.
  5. الأخطبوط الاقتصادي: كل ما سبق يدفع عجلة الاقتصاد نحو الأمام، أو يعالج أزمات اقتصادية داخلية، لكنه لا يؤدي إلى نقلة نوعية في عالم الاقتصاد، فالاقتصاد يحتاج لعملية تكامل في الموارد، تقلل نفقات التصنيع، وتوسع السوق الداخلي والخارجي، وتتزامن مع قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية تفرض سلطة الأخطبوط الاقتصادي الجديد على العالم. وهذا ما وضع بذوره فعلاً نجم الدين أربكان عام 1996م، من خلال تأسيس مجموعة الثمانية الإسلامية: مصر، نيجيريا، باكستان، إيران، إندونيسيا، ماليزيا، تركيا، بانغلادش. فالنقلة النوعية تكمن في إعادة تفعيل هذا التحالف الاقتصادي وغيره من التحالفات، كالدخول في الاتحاد الأوروبي مثلاً، فكلما بنت تركيا تحالفات اقتصادية أكبر أصبحت لديها مرونة اقتصادية أكبر وأسواق أكبر، وتمسك بها العالم أكثر تمسكاً وحرصاً على مصالحه. ويجب تحييد المواقف السياسية أو الدينية في عملية بناء هذه التحالفات، من خلال فصل المسارات السياسية والاقتصادية والدينية عن بعضها.

هذا والله أعلم. وفيما يلي روابط تتمة السلسلة:

  1. مستقبل تركيا (1): التركيب السكاني
  2. مستقبل تركيا (2): الاستخبارات
  3. مستقبل تركيا (٣): الإعلام
  4. مستقبل تركيا (٤): الصناعة
  5. مستقبل تركيا (5): الدفاع
  6. مستقبل تركيا (6): الاقتصاد

اكتب رداً