Notice: Function _load_textdomain_just_in_time was called incorrectly. Translation loading for the famous-gallery domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. Please see Debugging in WordPress for more information. (This message was added in version 6.7.0.) in /home/ultimate/isalkini.com/wp-includes/functions.php on line 6121
مستقبل تركيا (٧): السياسة… Test

مستقبل تركيا (٧): السياسة…

توجد علاقة تفاعلية متبادلة بين السياسة وعناصر القوة السابقة، فالسياسة الصحيحة تمنح العناصر السابقة دفعة قوية ونقلة نوعية، والسياسة الخاطئة تُدْخِل جميع العناصر السابقة في مأزق -بل مآزق- حقيقية وصعبة الحل. وفيما يلي دراسة لواقع السياسة التركية، وصولاً للحالة التي يتوقع أن تكون عليه:

  • بداية نلاحظ أن السياسة قصيرة المدى لا يمكن التنبؤ بها؛ لأنها معقدة جداً ومتناقضة ومتقلبة بشكل سريع يصعب معه التحليل:
    • فقد تجد الجمهوريين في السلطة، ثم فجأة تجد أصحاب الاتجاه الإسلامي، ثم أصحاب الاتجاه القومي، ثم خليط من المتناقضات في حكومة واحدة.
    • الانقلابات العسكرية المتعاقبة زادت تعقيد المشهد السياسي وغرابته وتناقضه، فقد رأينا في كل الحلقات السابقة كيف أن انقلاب عام 1980م والحكومة التي أعقبته غيرت وجه الدولة التركية واتجاهاتها العامة بشكل شبه جذري.
    • والأغرب أن يغلب اتجاه على الحكومة، فتتحرك سياسة الدولة قصيرة المدة نحو اتجاه هذه الحكومة، لكن السياسة الاستراتيجية بعيدة المدى تتحرك بما يخالف تماماً اتجاهات الحكومة الموجودة في السلطة في ذلك الوقت!!
  • أما السياسة الاستراتيجية فتجدها ذات أبعاد واضحة وأهداف محددة ومدروسة بداية من سقوط الدولة العثمانية حتى زماننا هذا، فهي تتجه نحو قوة تركيا وتوسيع نفوذها، بغض النظر عن الحكومات المتعاقبة، وبغض النظر عن الاتجاهات السياسية أو الدينية الحاكمة.
  • السياسة الاستراتيجية لا تتأثر بالحكومات المتعاقبة واتجاهاتها العامة إلا تأثراً طفيفاً يبطئ الحركة ولا يغير المسار. بخلاف غالبية الدول الإسلامية والعربية التي يديرها الفرد، فتنقلب كل سياساتها بتغير الشخض الذي يديرها!!
  • انتهاء عهد الانقلابات العسكرية يعني بداية عهد الانقلابات السياسية، وعليه فتحقيق التوازن قد يؤدي فجأة لتغير جذري في الاتجاهات السياسية الحاكمة في البلاد.
  • في البداية قد يكون هذا التقلب غير موزون وغير مدروس، لكن يجب أن يصبح مدروساً ومتوازناً مع الزمن، وبهذا تضمن تركيا انفتاح منقطع النظير على العالم اقتصادياً وإعلامياً وعسكرياً.
  • لكي تحقق تركيا نقلة نوعية في سياسيتها فهي بحاجة لما يلي:
    • تحييد الجانب الديني والقومي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فهذا يساعدها في استقطاب أصحاب التيارات الدينية المختلفة، وكذا أصحاب القوميات المختلفة.
    • استثمار الجانب الديني والجوانب القومية واللغوية المختلفة في استقطاب قلوب الشعوب وأحياناً الحكومات المختلفة.
    • عدم التأثر بالمواقف السياسية المسبقة في السياسة الخارجية، ككون الحكومة انقلابية أو شرعية أو تعادي طموح تركيا نحو القوة أو غير ذلك من المواقف السياسية المسبقة التي يمكن أن تظهر؛ لأن العلاقات السياسية المتشابكة ستقيد تلك الدول جميعاً، وتجعل الكفة تميل نحو تركيا بشكل تلقائي؛ لأن الضغط الاسموزي الذي تعلمناه في الفيزياء سيجعل تدفق المنتجات من الدولة المصنعة إلى الدولة المستهلكة، ومن الدولة التي فيها هياكل مؤسساتية نحو الدولة المافيوية التي يحكمها الفرد أو تحكمها عصابة.
    • يحسن تركيز القوى السياسية في كتلتين متعاقبتين تتبادلان الأدوار السياسية بينهما على الصعيد الخارجي (العصا والجزرة) والداخلي (خفض الفائدة ورفعها بشكل متوازن مدروس)، فهذا النظام هو الدارج حالياً في بريطانيا وأمريكا وإسرائيل وعدد من الدول المتنفذة في العالم؛ لأن نظام القطب الواحد يؤدي إلى تهور سياسي في زماننا، ونظام الأقطاب المتعددة يؤدي إلى الفوضى وفقد السيطرة أحياناً.
    • فصل مسار السياسة الداخلية عن مسار السياسة الخارجية كما تفعل أوروبا، وحينئذ ستقوم تركيا باستقطاب أصحاب الخبرات والنفوذ في بلادهم، وعددهم القليل لن يؤثر على عدد السكان في تركيا (وأولادهم سيصبحون جزءاً من النسيج التركي)، لكنه سيعطيها نفوذاً وسمعة قوية، وفي ذات الوقت تقيم علاقات قوية مع دولهم التي ربما تطلبهم لحبل المشنقة؛ لأن هؤلاء الكوادر هم أفضل من يعرف نقاط الضعف الموجودة في أنظمتهم الدكتاتورية التي تحكمهم.
  • إذا توجهت تركيا بالاتجاه الصحيح سياسياً فيجب على شعوب العالم الإسلامي تحديد موقفهم السياسي بوضوح:
    • هل يجب التعامل السياسي بناء على أن العالم الإسلامي بقعة واحدة؟!! فهذا يقتضي أن تكون تركيا تابعة لتلك الشعوب المقهورة، أو تلك الشعوب المقهورة تابعة لتركيا في سياستها!!
    • هل يجب التعامل بناء على الاستقلالية الكاملة تماماً بين تلك الدول؟!! فهذا يقتضي أن تركيا غير مجبرة على تحمل عواقب سياسية واقتصادية لأجل قضايا شعوب الدول الأخرى!!
  • قد يكون حل هذه المعضلة معقد جداً في ذهنية الشعوب المسلمة (فصل المسارات)، لكنه سيكون من أكبر العوائق أمام السياسة التركية في المستقبل. أي: الموازنة بين تقوية العلاقة بحكومات العالم الإسلامي وتقوية العلاقة بشعوب العالم الإسلامي في آن واحد. والغريب أننا لا نجد هذه المعضلة في العلاقات مع الغرب، مع أن الغرب هو الداعم الوحيد للأنظمة الدكتاتورية، والسبب أن الغرب استطاع استقطاب الألسنة التي تقف في وجه الأنظمة الدكتاتورية، وبهذا يسير الغرب على المسارين معاً: دعم للأنظمة الدكتاتورية في العالم الإسلامي، وليس مجرد علاقات قوية، وفي ذات الوقت تضمن صمت رؤوس المعارضين عن ذلك بسبب احتوائه لهم في أراضيه!!

هذا والله أعلم. وفيما يلي روابط تتمة السلسلة:

  1. مستقبل تركيا (1): التركيب السكاني
  2. مستقبل تركيا (2): الاستخبارات
  3. مستقبل تركيا (٣): الإعلام
  4. مستقبل تركيا (٤): الصناعة
  5. مستقبل تركيا (5): الدفاع
  6. مستقبل تركيا (6): الاقتصاد
  7. مستقبل تركيا (7): السياسة

اكتب رداً