يا بني؛
- لا تضعف أمام المصائب، فالعواصف لا تؤثر في الجبال الراسخة.
- وتذكر أنك عندما تكون في أوج ضعفك وتكالب الدنيا عليك فأنت حقيقة في أوج قوتك؛ لأنك في تلك اللحظات تكون أكثر قرباً وتعلقاً بالله، وهل تطمع بقوة أعظم من تلك القوة.
- واعلم أن الله خلقنا لعظائم الأمور، لا لنكون غنماً في القطيع، وإلا كان نصيبنا الذبح في يوم فرح الراعي أو في يوم عزائه حتى لا يبقى منا أحد.
- وواجبك للوصول لمرضاة الله وحمل الأمانة بحقها أن تسعى بالعلم والعمل، فما جعل الله لغافل أو متكاسل حظاً؛ لا في الدنيا ولا في الآخرة.
- واحذر أن تجمع على نفسك غربتين: غربة البلد وغربة الجهل والضعف، فلا حياة في زماننا لضعيف أو مغفل، فاجبر ضعف غربتك بقوة علمك وعملك.
- وتأكد أن الله إذا سد عليك باباً فهو يدخرك لغيره، فابحث عن غيره من الأبواب ولا تقف عاجزاً ضعيف الحيلة عند ذاك الباب، وسترى أن الأبواب كثيرة، وإنما غفلت عنها بحاجز الحرص على باب المخلوق، وعندما ظننت أن الفَرَج لا يأتي إلا من باب واحد.
- فإذا أدركت كل ما مضى فسترى أموراً لا يراها غيرك، وعواقب لا تدركها بصيرة غيرك، فاحذر حينها من طغيان نفسك على عقلك وقلبك، فيدخل في قلبك بسبب ذلك مثقال ذرة من الكِبْر، فيقودك عقلك إلى طريق هلكتك من حيث تظن نفسك تسير في طريق الرشاد، فيفتح لك من أبواب الهلاك ما لا طاقة لك به. فابق مراقباً لنفسك ومروضاً لها وكابحاً لجماحها.
- فإذا رأيت من نفسك شيئاً من ذلك ولو على سبيل الشبهة والتخمين، فاعتزل الناس، وراقب نفسك، وروضها وهذبها، فلأن تكون نفسك أقرب إلى اللين خيراً لك من أن تميل للتعالي والفجور.
- واعلم أن صلاح الخَلْق موكول للخالق، وما أنت إلا سبب من الأسباب، وليس لك من هدايتهم شيء ولو أفنيت نفسك في ذلك. بل إنك عاجز عن هداية نفسك وصلاحها إن كتب الله عليك الضلال، فحافظ على شعرة قلبك بالتزام أسباب الصلاح وطلبه دائماً من الله جل جلاله، حتى لا تخسر نفسك من حيث تظن نفسك منارة رشاد للناس.
- يا بني؛ إن قرأت وصيتي فالتزمها، وزد عليها بعد موتي دعوة في ظهر الغيب، فلعل الله يجعل صلاحك سبباً في نجاتي يوم ألقاه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.