التبدلات التي شهدها الإعلام التركي، وكذا السياسة الإعلامية التركية لا يمكن تصورها. وفيما يلي دراسة موجزة عن ذلك:
- كانت تركيا مشهورة بإعلامها الإباحي الذي يصل إلى الدول المحيطة دون أجهزة استقبال فضائي، وكانت غالبية وسائل الإعلام مملوكة للوبيات يهودية تتحكم بمحتواها الفكري بالكامل.
- عام ١٩٨٠م حظرت حكومة الانقلاب -والتي كان تورغت أوزال أحد نواب رئيس الوزراء فيها- التصوير الجنسي في السينما، فانتقل الإنتاج إلى ألمانيا، ولم يتوقف عرض المشاهد الإباحية على الشاشات، وبقي الاتجاه الفكري تحت سيطرة اللوبيات اليهودية.
- في التسعينات بدأ إصدار قوانين عقوبات تضيق على عرض المحتويات الإباحية، وبدأت المحاكم بالاستفادة منه لزيادة التضييق على أنواع المشاهد الإباحية.
- عام ٢٠٠٣م بدأ أول مسلسل يتكلم عن محاربة الفساد والمافيات داخل البلاد، ويتكلم عن جهود الدولة للتغلغل في المافيات وتفكيكها، أي: يطرح قضايا تهم الشارع. وهو مسلسل وادي الذئاب، أو ما يعرف في العالم العربي بمراد علمدار، وكانت الدول العربية تنشره مدبلجا على قنواتها كونه مسلسلا بوليسيا ولما فيه من مشاهد مخلة!!!
- في الموسم الثالث من وادي الذئاب -أي في عام ٢٠٠٦م- بدأ المسلسل يتكلم عن تركيا القوية، وعن التحول من الكتاب الأحمر إلى الكتاب الأخضر. وهو ذات العام الذي تم حظر ٤ قنوات إباحية من على الحزمة الفضائية التركية.
- عام ٢٠٠٧م صدر قرار يحظر جميع القنوات الإباحية، وبدأ فك القيود عن إطلاق قنوات دينية خاصة، وبدأ الانفتاح الإعلامي على الصعيد الفكري والسياسي والأخلاقي والديني، فأصبح من الممكن طرح أي قضية للنقاش على الإعلام.
- عام ٢٠٠٩م تم إطلاق القناة الرسمية trt الناطقة باللغة الكردية، وعام ٢٠١٠م تم إطلاق القناة الرسمية trt الناطقة باللغة العربية، وأصبحت تركيا (التي فيها مواطنون كرد وعرب) تصل إلى الشعوب الكردية والعربية خارج حدودها.
- عام ٢٠١١م بدأ مسلسل حريم السلطان، وهو من أوائل المسلسلات التاريخية، لكنه كان يتضمن إساءات شديدة للسلاطين العثمانيين.
- عام ٢٠١٤م بدأت حزمة برامج تاريخية تفتخر بتاريخ تركيا القديم، وتمدح رموزه وأعلامه.
- بدأت تركيا في المرحلة التالية باستضافة قنوات فضائية أجنبية على أراضيها بشكل استثماري، وأصبحت هناك قناة دينية رسمية، ثم أصبح اسمها قناة الديانة في عام ٢٠١٨م.
- وعد رئيس الديانة بقناة دينية خاصة للأطفال، ونشطت محاولات الوصول للشعوب العربية.
- من الممكن أن تحقق تركيا انطلاقة قوية في المجال الإعلامي إذا نجحت على المحاور التالية:
- الإنتاج الإعلامي الخيالي الذي ينافس هوليود (أفلام الأكشن)، فهو ينفع في إنتاج خيال علمي خاص بنا، ويجذب شريحة واسعة من المشاهدين لا يجذبها التصوير التقليدي.
- الوصول إلى اللغات الإسلامية والعالمية على الصعيد الإخباري والثقافي والفكري العام، أي ما يوازي قنوات trt العربية والكردية، لكن بالإنجليزية والفرنسية والألمانية والفارسية والأوردية والإندونيسية وغيرها.
- الشعوب المسلمة تمتلك عاطفة دينية جياشة، وهذا يستدعي إطلاق قنوات دينية بلغات العالم الإسلامي الرئيسية (العربية، الفارسية، الأوردية…)، وقد رأينا تأثير مسلسل أرطغرل على باكستان على سبيل المثال لا الحصر.
- بعض هذه المحاور قيد التنفيذ، وبعضها نتمنى أن تكون قيد الدراسة أو التنفيذ؛ لأنها تخرج دائرة التأثير التركي الإعلامي خارج حدودها.
هذا والله أعلم. وفيما يلي روابط المقالات الأخرى: