الدراما التركية.. وبناء قادة المستقبل..

ترك بريس 17/ مارس/ 2017م

خلافاً للكثير من القنوات العربية والإسلامية التي سخرت نفسها لنقل الثقافة الغربية ومفاهيمها نجد أن الدراماً التركية ألبست معظم الممثلات التركيات الحجاب، وأدخلت معظم الممثلين إلى الجوامع لتأدية الأدوار التمثيلية المطلوبة منهم في المسلسل، ونشرت مجموعة من المفاهيم والأفكار العالمية، فأخرجت الممثلين والمتابعين على حد سواء من قمقم الحاكم والحياة الشخصية ومشكلات المدنية التي نعيش فيها، إلى هموم حماية الوطن والأمة من تدنيس الاحتلال بأنواعه؛ سواء الظاهر أم الخفي!!
بدأ هذا التأثير مع شخصية «مراد علمدار» في مسلسل وادي الذئاب، الذي بدأ في أجزائه الأولى بعرض لواقع المافيات العالمية، كما تضمن مشاهد كثيرة خادشة للحياء، مما أثار لعاب القنوات الفضائية العربية التي قامت بترجمته ودبلجته ونشره على معظم قنواتها. ليبدأ المسلسل في الأجزاء التالية بالحديث عن الكتاب الأحمر والأخضر والرأسمالية والشيوعية، وعن «بابا عمر» الذي هو المرجع الروحي الذي يغرس معاني الإيمان والعزيمة والثبات والإصرار، من خلال قصص تراثية دينية.
ثم لم تتوقف المسيرة عند هذا المسلسل – الذي توقفت عنده قلوب ملايين المتابعين في العالمين العربي والإسلامي، وأصبحوا يترقبون ترجمته باللحظات – بل تجاوزته الدراما التركية إلى مسلسل «السلطانة كوسَم» والذي يعرض الصراعات داخل البلاط العثماني، وكذا المؤامرات والخيانات بالتعاون مع الأوربيين ضد الحكم العثماني، والمسلسل التاريخي عن الشاعر المتصوف «يونس أمره».
وصولاً إلى مسلسل «قيامة أرطغورل» الذي يحكي قيام الدولة العثمانية وصراعات تأسيسها، والذي أخرج المشاهد عن مثاليات تأسيس الدول والإمبراطوريات، إلى واقع السنن الكونية في الصراع والتدافع وبناء الأمم بالدماء، وهو المسلسل الذي دمج بين مسارات الصراع والتدافع؛ سواء العسكرية، أم السياسية مع العدو والصديق، أم الفكرية والثقافية، أم الدينية.
لتصل حتى الآن إلى مسلسل «السلطان عبد الحميد» الذي ترك منصبه ولم يترك فلسطين، ليقوم هذا المسلسل بتصحيح التشويه الذي ألصقه به الصهاينة المحتلين لفلسطين، بسبب رفضه لبيعها.
هذا عدا الأفلام التي لم تترك قضية عظيمة من قضايا الأمة إلا وتناولتها بالطرح، ومنها: «وادي الذئاب – العراق»، و«وادي الذئاب غلاديو» الذي يتكلم عن أنشطة الموساد والماسونية، و«وادي الذئاب – فلسطين»، و«فتح 1453»، و«خمس مآذن في نيويورك»، و«وادي الذئاب الانقلاب»، و«الرئيس» الذي يعرض حياة أردوغان كرمز إسلامي عالمي يخرج عن نطاق الحدود التركية.
وبالانطلاق من الدراما إلى المسرح الواقعي الكبير الذي نعيشه؛ فأطفالنا الذي يترعرعون اليوم على هذا النوع من الأفلام التي لم نعهدها على الشاشة العربية؛ هل سيسبقون الدراما التركية ويبدؤوا بتأسيس نماذج قيادية عظيمة بأفعالهم وأقوالهم ومواقفهم، أم ستسبقهم الدراما التركية بإنتاجها، ونبقى نسبح في وحي الخيال الذي تنسجه لنا هذه الدراما؟!!

اكتب رداً